أثينا تُحاكم عقلها

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 2 жов 2024
  • أثينا تُحاكم عقلها
    عندما انهى سقراط دفاعه عن نفسه، امر القضاة هيئة المحلّفين بالتصويت على ادانة سقراط او تبرئته وكانت نتيجة التصويت، مئتان وواحد وثمانون (281) صوت بالادانة مقابل مئتين وعشرين(220) صوت بالتبرئة.
    سقراط، الذي كان يتوقّع ادانته، سيتوجه لهيئة المحلّفين قائلا: إن الحكم الذي أصدرتموه في حقي لا يحزنني، لكن ما فاجأني كثيرا هو الفارق الضئيل بين الأصوات المؤيّدة لي وتلك التي تدينني. ما كنت أتصوّر أن يكون الفارق ضئيلا إلى هذا الحدّ، لذلك أعتقد أنّني نَجَوتُ من ميليتوس. وأردف بشجاعة نادرة أن لا ميليتوس ولا أنيتوس ولا ليكون الذين طالبوا بإعدامه يستطيعون إيذاءه، لأن الأشرار لا يستطيعون إيذاء الأخيار. ويضيف انه لا يخاف الموت، لأن لا أحد فينا يعرف ماهو الموت بالفعل، وهل ان الموت هو خير مطلق أو شرّ مطلق، فعندما نكون لا يكون الموت وعندما يكون الموت لا نكون نحن، لذلك لا يوجد أي سبب يجعله يخاف من شيء يجهله. ولكنّه ينبّه الأثينيين من مغبّة الحكم بموته، لأنهم سيسيؤون لأثينا، وسيقول عنهم اعدائهم انهم قتلوا حكيما في حين انه ليس كذلك. وسيكون من الصعوبة بمكان على الأثينيين ان يعوّضوا رجلا في حجم سقراط سخّر كل حياته لخدمتهم ولم يلهث وراء الجاه أو المال. ويضيف انه شيخ في السبعين وقريب من الموت ولو انتظر الأثينيون قليلا لرحل دون حاجة للحكم بإعدامه.
    بعد ان أصدر القضاة حكمهم بثبوت التهمة على سقراط، وفي المرحلة الأخيرة من المحاكمة، سيقوم المدّعون الثلاث باقتراح عقوبة، ومن حق سقراط ان يقترح عقوبة بديلة ليعاد التصويت من جديد من طرف هيئة المحلّفين. المدّعون الثلاث ميليتوس و أنيتوس وليكون سيطالبون هيئة المحكمة بإنزال عقوبة الإعدام بالمتهم. وجرت العادة أمام محاكم أثينا أن يقف المتهم أمام القضاة باكيًا ومسترحمًا، ويُحضر زوجته وأبناءه ليثير الشفقة والرحمة في نفوس هيئة المحلّفين، لكن سقراط سيأبى عن نفسه ذلك، وسيحوّل محاكمته إلى محاكمة للقضاة الذين أدانوه، وسيكشف حدود الديمقراطية الأثينية التي ستقدّم عقلها قربانا لتحافظ على استقراررها. سيرفض سقراط المنفى كعقوبة بديلة لأنّه مواطن أثيني، ويرفض مغادرة أثينا مثلما فعل قبله الفيلسوف أنكزاغوراس وبعده أرسطو الذي سيغادر أثينا قائلا لن اترك الأثينيين يرتكبون جريمة أخرى في حق الفلسفة، في إشارة إلى محاكمة سقراط. سقراط سيذهب بعيدا في تحدّي القضاء الأثيني عندما يطالب بمكافأته بالإقامة والأكل والشرب مدى الحياة في المجلس الأعلى للمدينة Le Prytanée، حيث توجد شعلة النار التي لا تنطفئ أبداً، وأين يُقيم القضاة وكبار رجال الدولة والأبطال الأولمبيين.القضاة وهيئة المحلفين سيعتبرون ان سقراط يستخفّ بسلطتهم وبقوانين المدينة، وسيصوتون هذه المرّة بأغلبية ساحقة مع حكم الإعدام ضده، وسيرفضون الغرامة المالية التي اقترحها تلاميذه كعقوبة بديلة.
    سقراط سيتوجّه للقضاة الذين أقرّوا عقوبة الإعدام في حقه قائلا؛ انتم أشباه قضاة، وسأرحل عن عالمكم لألتقي في عالم آخر بالقضاة الحقيقين الذين يحكمون بالعدل مثل مينوس Minos و وإياك Éaque وردمنت Radamante ابناء الاله زيوس، وسأكون سعيدا بلقاء هزيود وهوميروس وسيزيف وكل الأبطال الذين ماتوا نتيجة الأحكام الظالمة.
    وآخر ما نطق به سقراط أمام هيئة المحكمة هي الكلمات التالية: "لقد دنت ساعة الرحيل، أمّا أنا فسأرحل إلى الموت، وأمّا انتم فستمضون إلى الحياة، فحظّ أي منّا أفضل، ذلك أمر لا يعلمه إلا الإله."
    قضى سقراط في سجنه ثلاثين يومًا ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، وسيلقّن الأثينيين درسا في المواطنة وفي احترام قوانين المدينة عندما رفض الهروب من السجن واختار ان يتجرّع كأس السمّ التزاما بأفكاره وقيمه.
    *نجيب البكوشي باحث وكاتب تونسي.

КОМЕНТАРІ • 4

  • @magdycomics
    @magdycomics Рік тому +1

    يا دكتور نجيب متغيبش علينا كده

  • @christinsoliman6700
    @christinsoliman6700 Рік тому

    الحقيقة لايعرفها الا الله وقليل من البشر المستبصرين ...واكثرهم لايعلمون واكثرهم لايعقلون

  • @kadibrahim2114
    @kadibrahim2114 7 місяців тому

    سقراط نبي الفلاسفة لا يخاف ولا يستكين ويعتبر الموت سفر من عالم اقزام العقل والحثالة ايلا عالم الروحانيات الذي يعرفه / ابتسم سقراط وشرب كاس السم امام الملاء وترك رسالة لي الحاكم والقطيع المستعبد النذل ودخلت اثينا في سقوط ممالك الضلم وانهيار انضمة القطيع وكل ما تنباء به وقع

  • @mooradrabah3307
    @mooradrabah3307 5 місяців тому

    نفتقد موضوعاتك فلا تطل الغياب