قراءة في كتاب "السياسة والدين في المغرب. جدلية السلطان والفرقان" لمؤلفه حسن أوريد (1)

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 17 вер 2024
  • قراءة في كتاب السياسة والدين في المغرب، جدلية السلطان والفرقان، لمؤلفه المفكر حسن أوريد
    الكتاب من منشورات المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية لعام 2020 .
    ويتألف الكتاب من سبعةِ فصول.
    تكمنُ أهميةُ هذا الكتاب في الأسئلةِ التي يطرحها مؤلفُهُ، حول علاقةِ السياسةِ والدين في المغرب،
    وتكمنُ أهميتهُ كذلك في الأسئلةِ التي قد يطرحها قارئ الكتاب، كما في الأسئلةِ التي لا يطرحها الكتاب أو يسكتُ عن طرحها.
    بل إن أهميته تكمنُ، ولا شك في ذلك، في قراءةِ ما بين السطور، مما يستوجب من القارئ الانخراطَ
    في قراءةٍ من الدرجة الثانية، وربما من الدرجة الثالثة.
    ومن الأسئلةِ التي يمكن طرحها مثلا: أيُّ علاقةٍ بين السياسةِ والدين:
    علاقةُ صدام؟ تكامل؟ تناسق؟ تناقض؟ صراع؟ تنافر؟ تبعية؟ خدمة؟ تواطئ؟
    ما هي جذورُ هذه العلاقة؟ تاريخية؟ فلسفية؟ ثقافية؟
    ما هي مرجعيتُها وأصولُها؟ هل هي دينية؟ عُرفية؟ حضارية؟
    هل علاقةُ السياسة والدين في المغرب علاقةٌ خاصة؟ استثائية؟ نموذجية؟
    وهل الدين هنا يرادُ به دين الإسلام في المُطْلق؟
    أم يرادُ به الإسلام بنَكْهَةٍ محلية مغربية؟
    أم أن مفهومَ الدينِ لا يعدو أن يكون سوى عُرفٍ؟
    أو تقليدٍ؟ أو تدينٍ؟ أو "قاعدةٍ" تخصُّ مُجتمعا ما؟
    لايمكن الإجابة عن تلك الأسئلة، مِن أجْل توضيحِ العلاقةِ بين السياسةِ والدين،ومدى حُدودِ تجلياتِها وتأثيرِها، إلا إذا وضعناها في نَسَقٍ مُعيّن، أي إلاّ إذا ربطناها بواقعٍ مُحدد، معروف، حتى لا تبقى رهينةً للتحليل النظري المجرد.
    لذلك نجدُ أن العنوان يشير إلى أن أمر هذه العلاقة، يخصُّ المغرب الذي يسود فيه النظام الملكي.
    من هنا نفهمُ وظيفةَ الشطر الثاني من العنوان :
    "جدلية السلطان والفرقان"، التي تحيل بدورها إلى التساؤلِ عن علاقةِ السلطة السياسية، وهي السلطان،
    مع ما لمفهوم السلطان من حمولةٍ دينيةٍ، بالفرقان، أي الدين الذي يمثلهُ علماءُ الدين، ولو أن في كلمة الفرقانِ إشارةً إلى القرآن، الذي يُحيلنا بدوره إلى جدلية الحق والباطل، وبشكل أعم إلى إشكالية العدْلِ.
    لكن في هذه الحالة، يَطْرَحُ التساؤلُ جدلية المُلْك والعَدْل، وهذا يفتحُ البابَ أمام فرضياتٍ أخرى في قراءة العنوان.
    بيد أن المؤلف في محاولةٍ منه لتوجيه قراءة العنوان وتأوليه، افْتَتَحَ كتابَه بمقولة منقولة من خطاب الملك الحسن الثاني، تعود لشهر فبراير 1984،
    يقول فيها هذا الأخير:
    "ومسألةٌ أخرى هي مسألةُ التنسيقِ بين الفرقانِ والسلطانِ، الفرقانُ، هم أنتم (أيها العلماء)، والسلطانُ هو ممثلُ ملكِ المغربِ في الأقاليم وفي الولاياتِ وفي الجهات."
    لا غَرْوَ إذن إنْ قُلْنا إنَّ العلاقةَ بين السياسةِ والدين هي علاقةُ تنسيقٍ بين طرفين كما تُحددُه ظاهريا على الأقل المقولةُ المذكورة:
    الفرقان من جهة، وهم العلماء، أي أصحابُ الرأي والمشورة والفتوى في أمور الدين، أو في كل ما يتعلق بالحق والباطل، الحلال والحرام، المعروف والمنكر، والسلطان هو ممثل الملك في ربوع المملكة، أي صاحب السلطة التنفيذية، والحاكم الفعلي على أرض الواقع، والمسؤول عن تدبيرالشأن العام في كل مجالاته.
    والتنسيقُ بين طرفين يعني العملَ سويا وفق توجيهاتٍ محددة من أجل هدفٍ معين لتحقيق غايةٍ معينة.
    وغالبا ما يكون أحدُ الطرفين هو الموجِّهُ للطرفِ الآخر.
    لكن الطرفين، العلماء وممثل الملك، من حيثُ التنسيقُ الذي يجمعُ بينهما، لا يُجسدان في الحقيقة إلا إرادةَ الملك.
    وهذا يعني في المحصلة، أن شخصَ الملك تجتمعُ فيه السلطةُ الروحيةُ والسلطةُ الزمنية. وهذه وجهة نظر، أو نظرية، مسيحية لمفهوم السلطة التي تفرق بين الزمني، أي السياسي، والروحي، أي الديني، بين السلطة على الناس والسلطة على أرواح الناس.
    وكأن مقولةَ الملك تنقلُ إلى الفضاءِ الإسلامي المغربي، تلك المقاربةَ التي سادت في العالم المسيحي، الكاثوليكي بالتحديد، خلال فترةِ توهجِهِ، والتي تجسدت في شخصِ ملكِ فرنسا، لويس الرابع عشر في القرن السابع عشر.
    وهذا يدفعنا لنتساءل بدورنا:
    إلى أي مدى يمكن اعتبارُ علاقةِ السياسة والدين في المغرب، نقلاً لعلاقة السياسة والدين في العالم المسيحي، أي تكراراً لعلاقةِ السلطةِ السياسية، أي سلطة الملك أو الأمير، والسلطة الدينية، أي سلطة الكنيسة أو علماء الدين؟
    لكن ما يثير الانتباهَ هنا، هو أن الغائبَ في هذه المعادلة، معادلة السياسة والدين، هو الشعب:
    فمن جهة أوُلى، يتمُّ احتكارُ الفعلَ السياسي من قبل الملك أو الأمير، ومن جهة ثانية، يتم احتكارُ الفعلَ الديني من قبل الفقيه أو رجل الدين.
    وهذا يدلُّ على أنَّ تلك المعادلة، لا يُمكن أن تنموَ وتتمددَ، إلا في فضاءِ الاستبداد. أو بتعبيرٍ آخر، تلك المعادلة ترتبطُ ارتباطا وثيقا بالاستبداد، ولا تخرجُ عنه.
    فلا غرابةَ إذن إن اتَّسَمَت، تلك العلاقة بين السياسة والدين، بالتواطئ و التنسيق و التبعية و الخدمة.
    ***

КОМЕНТАРІ •