تلاوة وتفسير سورة محمد 16 - 24 القسم الثاني
Вставка
- Опубліковано 10 січ 2025
- وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ 20
كان المؤمنون يبدون تحمسهم لقتال المشركين خلال العهد المكي، وذلك نتيجة الاضطهاد المستمر، والتعذيب والقتل والحصار، إلا أن الله تعالى لم يأذن لهم بذلك وأمرهم بالصبر: (قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ). الجاثية:١٤. ولذا كانت فئة تتشوّق وتتشوّف للإذن الإلهي بالقتال.
واستمر ذلك إلى بدايات العهد المدني حين تعرض المؤمنون للإيذاء مجدداً والعدوان من قبل قريش وبعض المتحالفين معها، فصدر الإذن بالقتال وبشكل واضح لا لبس فيه وهو المراد من قوله (فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ):
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ، ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بِغَيۡرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٞ وَصَلَوَٰتٞ وَمَسَٰجِدُ يُذۡكَرُ فِيهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِيرٗاۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ). [الحج:39-40].
وحض الله تعالى على قتال المعتدين أيضاً في قوله: (وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ). [البقرة: 190].
وحيث أصبح الأمر جدّياً وقد تبدلت ظروف بعض المؤمنين وعاشوا عيشة استقرار في المدينة، تمايزت فئتان من المؤمنين، إحداهما الثابتة على موقفها، والثانية التي انصدمت بالواقع الجديد فامتلأت رعباً.
وهي الفئة التي عبرت عنها الآية بعنوان الضعفاء الإيمان. فردة فعل هؤلاء بحسب وصف الآية: [ينظرون إليك من شدة الخشية نظر المحتضر]، فأولی لهم ذلك، إما بمعنى أنهم يستحقون الموت، أو أن ما صدر عنهم طبيعي بلحاظ ضعف الإيمان.
وفي مقابل هذا الرأي، من المفسرين من يقولون بأن ردّة الفعل هذه تخص المنافقين ولم تكن في دائرة المؤمنين، ولكن لا مانع من أن يكون ذلك قد صدر عن بعض المؤمنين، فلم يكونوا بأجمعهم في نفس المستوى من الإيمان، كما لم يكونوا من الملائكة. والقرآن يميّز بين المنافقين وبين الذين في قلوبهم مرض.
ملاحظة: التعبير بقوله: (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ) دون (وأمرت فيها بالقتال) مثلاً، قد يدلّ على أن الله تعالى كان يستعمل أسلوباً لطيفاً ويحاول أن يجعلهم يُقبلون على القتال
طواعيةً دون إرهاب، ومن ذلك بيان فائدة القتال كقوله: (وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ....).
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم 21
الموقف المطلوب ابتداءً في مثل هذه الحالة التي ينزل فيها أمرٌ بالقتال هو الاستجابة التامة (طَاعَةٌ)، إلا أن بعض ضعاف الإيمان لم يكتفِ بعدم التعبير عن ذلك، بل:
1) أثاروا من خلال الكلمات التي أطلقوها أجواءً سلبيةً، وهو خلاف (القول المعروف).
2) حالوا تبرير موقفهم السلبي من القتال، وهم يعلمون أن تبريراتهم واهية.
والموقف المطلوب بعد اتخاذ القرار النهائي والبدء بالإعداد للقتال هو تطابق القول (طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ) مع الفعل (فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم).
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ 22
هذا توبيخ لهذه الفئة التي كرهت القتال بعد نزول الأمر بذلك، إذ برّروا موقفهم السلبي بأن الأمر بالقتال يؤدّي إلى الفساد في الأرض وتقطيع الأرحام من خلال التنازع والانقسام الحاد الذي سيقع بين مكوّنات المجتمع في المدينة، والحال أن امتناعكم عن القتال وتولّيكم هو الذي سيؤدي إلى الفساد في الأرض وتقطيع الأرحام بإحداث فتنة داخلية.
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ 23
إن هؤلاء الذين يخذلون الله ورسوله في هذه الساعة الحرجة ويثيرون الفتنة في وسط المؤمنين ويثبّطون العزائم، مطرودون من رحمة الله (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ) فهم لم ينتفعوا بما سمعوا من القرآن وكلام الرسول، ولم ينتفعوا من كل ما شاهدوه من نصر الله.
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ 24
ما لهؤلاء يتخذون مثل هذا الموقف؟ هل مشكلتهم إعراضهم عن التدبّر في القرآن؟ ولو تدبّروا في كلماته لوجدوا فيه لزوم طاعة الله ورسوله، ومصير الخاذلين، وأن الله ينصر رسله، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
أم أن مشكلتهم تتمثّل في عدم قدرتهم على التدبّر لأنهم أغلقوا منافذ عقولِهم فصاروا لا يفهمونه عند تلقيه؟
كلا الأمرين عجيب:
1) إذ لم يُنزل الله القرآن ليُتلى دون تدبّر، وقد بُيِّنت وظيفة المؤمنين تجاه القرآن
2) ولأنه خلق لهم عقولاً قادرة على التدبّر، وجعل القرآن مبيناً، فما بالهم لا يتدبرون فيه؟
احسنتم شيخنا وبوركتم جزاكم الله كل الخير
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين 🤲💚