الفرق بين مستحل الزنا ومرتكب الزنا ؟ الشيخ عبد العزيز بن باز
Вставка
- Опубліковано 7 лис 2024
- أولا:
استحلال المحرمات المجمع عليها، كالزنا وشرب الخمر: كفر وردة عن الإسلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه ، أو حرم الحلال المجمع عليه ، أو بدل الشرع المجمع عليه : كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء" انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/ 267).
ثانيا:
يتعلق بهذه الردة حكمان: ظاهر وباطن.
أما الظاهر، أي الحكم عليه بين الناس، فإنه لا يعود إلى الإسلام إلا بالنطق بالشهادتين، والتصريح بتحريم الزنا، وإلا فإنهم يستمرون في الحكم عليه بالردة.
قال في "كشاف القناع" (6/ 178): " وتوبة المرتد : إسلامه .
(و) توبة (كل كافر، موحدا كان) ، أي مقرا لله بالوحدانية (كاليهودي ، أو غير موحد كالنصراني والمجوسي وعبدة الأوثان إسلامه : أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) .... وَهَذَا يَثْبُتُ بِهِ إسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ ؛ فَكَذَا الْمُرْتَدُّ ..
(لكن إن كانت ردته) أي المرتد (بإنكار فرض أو إحلال محرم أو جحد نبي أو) جحد (كتاب أو) جحد (شيء منه ، أو) كانت ردته (إلى دين من يعتقد أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى العرب خاصة: فلا يصح إسلامه حتى يقر بما جحده) ، إذا كانت ردته باعتبار أن محمدا بعث إلى العرب خاصة، فلا بد وأن (يشهد بأن محمدا) - صلى الله عليه وسلم - (بعث إلى العالمين) ؛ أي الإنس والجن ..
ولا بد أن يقول مع ذلك : كلمة الشهادتين ، ولا يكفي فيه مجرد إقراره بما جحده" انتهى.
فيجب على من وقع في هذا : أن يصرح بتحريم الزنا أمام من سمع تحليله له، ليزول عنه حكم الردة في الظاهر، ويعصم ماله ودمه .
فإن بقاء حكم الردة له في الظاهر : يعني إباحة دمه وماله، وتحريم مناكحته ، وأكل ذبيحته، وأنه إذا مات لم يصل عليه ، ولم يدفن في مدافن المسلمين .
فالواجب أن يبادر بإعلان توبته وعودته للإسلام، فينطق بالشهادتين، ويصرح أن الزنا حرام.
وأما في الباطن ، وهو الحكم فيما بينه وبين الله ؛ فإنه إن أتى بالشهادتين، واعتقد تحريم الزنا، وتحققت فيه شروط التوبة الخمس، فقد عاد إلى الإيمان، ولو لم يتلفظ بلسانه ويقول إن الزنا حرام.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فإذا تاب الإنسان من أي ردة كانت ، توبةً نصوحاً ، استوفت شروط التوبة الخمسة ، فإن الله يقبل توبته .
وشروط التوبة الخمسة هي:
الشرط الأول : الإخلاص لله بتوبته ، بأن لا يكون الحامل له على التوبة رياء أو سمعة ، أو خوفاً من مخلوق ، أو رجاء لأمر يناله من الدنيا ، فإذا أخلص توبته لله ، وصار الحامل له عليها تقوى الله عز وجل ، والخوف من عقابه ، ورجاء ثوابه : فقد أخلص لله تعالى فيها.
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعل من الذنب ، بحيث يجد في نفسه حسرة وحزناً على ما مضى ، ويراه أمراً كبيراً يجب عليه أن يتخلص منه .
الشرط الثالث : أن يقلع عن الذنب وعن الإصرار عليه ؛ فإن كان ذنبه تَرْكَ واجبٍ : قام بفعله وتَدَارَكَه إن أمكن ، وإن كان ذنبُه بإتيانِ محرمٍ : أقلع عنه ، وابتعد عنه .
ومن ذلك إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوقين : فإنه يؤدي إليهم حقوقهم ، أو يستحلهم منها.
الشرط الرابع : العزم على أن لا يعود في المستقبل ، بأن يكون في قلبه عزم مؤكد ألا يعود إلى هذه المعصية التي تاب منها.
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقت القبول ، فإن كانت بعد فوات وقت القبول : لم تقبل . وفوات وقت القبول : عام وخاص :
أما العام ؛ فإنه طلوع الشمس من مغربها ، فالتوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لا تقبل ، لقول الله تعالى : ( يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلْ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ ) الأنعام/158 .
وأما الخاص ؛ فهو حضور الأجل ، فإذا حضر الأجل فإن التوبة لا تنفع لقول الله تعالى : ( وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) النساء/18 .
أقول : إن الإنسان إذا تاب من أي ذنب - ولو كان ذلك سب الدين - فإن توبته تقبل ، إذا استوفت الشروط التي ذكرناها" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (2/ 152).
فلو فرض أنه فعل ذلك ، ومات ؛ فإنه يموت مؤمنا فيما بينه وبين الله .
والله أعلم.
السؤال:
ورد في محاضرة فضيلتكم أن مستحل الزنا يعتبر كافرا، قد يفهم بعض الحاضرين أن مرتكب الزنا كافر، فيذهب من هنا يكفر العاميين، إذا يُرى من فضيلتكم التوضيح؟
الجواب:
أنا بينت أن مستحل الزنا غير فاعل الزنا، فالاستحلال معناه: أن يقول الزنا مباح حلال، من شاء فعله وليس بحرام، ما حرمه الله، أو يقول: ولو حرمه الله حلال، ولو حرمه الله لا يبالي بتحريمه، هذا هو الكافر.
أما من يفعله، يزني ولكنه يعلم أنه عاصٍ وأنه حرام ولكن زنى، غلبه الهوى والنفس الأمارة بالسوء والشيطان حتى وقع في الزنا، هذا إن تاب تاب الله عليه، وإن مات على الزنا ولم يتب فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معصيته في النار، ثم بعدما يعذب لا يخلد، بل يخرجه الله من النار إلى الجنة بتوحيده وإسلامه، وهكذا من مات على اللواط أو الخمر أو العقوق لوالديه أو قطيعة الرحم أو الربا أو ما أشبه ذلك من المعاصي، فهذا تحت مشيئة الله كما سبق.
فرق بينهما، فالمستحل هو الذي يقول: إن هذه المعصية حلال، الربا حلال، الزنا حلال، هذا يكون كافرا.
وأما الذي يفعله ولا يستحله، يزني ولكن يعلم أنه عاصٍ، أو فعل الربا ويعلم أنه محرم، ولكن فعله طاعة للهوى وحبا للمال، فهذا عاصٍ وليس بكافر.
وكذلك من عق والديه، ضرب أمه أو ضرب أباه أو سبهما وهو يعلم أنه عاصٍ، ولكن غلبه هواه ونفسه الأمارة بالسوء فهذا يكون عاصيا، أما لو قال إنه حلال أني أضرب أمي، حلال أني أضرب أمي، يكون كافرا لعله واضح هذا.