باب التنازع {شرح كتاب قطر الندى لابن هشام} الدرس الرابع عشر

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 11 вер 2024
  • باب في التنازع
    قوله: (يَجُوز في نحْوِ ضَرَبَنِي وَضَرَبْتُ زَيْداً، إعْمَالُ الأوَّلِ واخْتَارَهُ الكُوفيُّونَ، فَيُضْمَرُ في الثَّانِي كُلُّ ما يَحْتَاجُهُ، أَوِ الثَّانِي، واخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ، فَيُضْمَرُ في الأوَّلِ مَرْفُوعُه فَقَطْ، نَحْوُ: جَفَوْني ولمْ أَجْفُ الأخِلاَّءَ ... ) .
    التنازع: توجه عاملين إلى معمول واحد، نحو: سمعتُ ورأيتُ القارئ. فكل واحد من (سمعتُ) و (رأيتُ) يطلب القارئ مفعولاً به ونحو: ضربني وضربت زيدًا، فالأول يطلب الاسم فاعلاً، والثاني يطلبه مفعولاً.
    وقد يكون التنازع بين أكثر من عاملين. وقد يكون المتنازع فيه متعددًا، نحو: يجلس ويستمع ويكتب المتعلم. وكقوله - صلى الله عليه وسلم -: " تسبحون وتَحْمَدُون وتكبرون دبرَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين " متفق عليه. فـ (دُبُرَ) منصوب على الظرفية، و (ثلاثاً وثلاثين) منصوب على أنه مفعول مطلق وقد تنازعهما ثلاث عوامل. (1)
    ولا خلاف في جواز إعمال أيِّ العاملين أو العوامل، وإنما الخلاف في الأولى منهما فقال البصريون: الثاني أولى لقربه من الاسم، وقال الكوفيون: الأول أولى لتقدمه.
    فإن أعملت الأول في الاسم الظاهر أعملت الثاني المهمل في ضميره، ويؤتى بهذا الضمير سواء كان مرفوعًا نحو: قام وقعدا أخواك، أو منصوبًا، نحو: قام وأكرمتهما أخواك، أو مجرورًا نحو: قام ومررت بهما أخواك. فـ (أخواك) فاعل (قام) وقد عمل الثاني في ضمير هذا الاسم، ولا محذور في الإتيان بالضمير، لرجوعه إلى متقدم رتبة؛ لأن مرجع الضمير وهو (أخواك) معمول للعامل الأول.
    وإن أعملت الثاني في الاسم الظاهر أعملت اِلأول في ضميره ويؤتى بهذا الضمير إن كان مرفوعاً، لامتناع حذف العمدة، وإن لزم منه عوده على متأخر لفظًا ورتبة (2) فتقول: قاما وقعد أخواك. فـ (أخواك) فاعل (قعد) ، ومنه قول الشاعر:
    جفوني ولم أجفُ الأخلاءَ إنني ……لغير جميل من خَلِيلِيَ مهملُ
    فأعمل الشاعر الثاني وهو (لم أجف) في (الأخلاء) فنصبه على أنه مفعول به، وأعمل الأول في ضميره، وهو (واو الجماعة) ، وأثبت الضمير؛ لأنه وإن عاد على متأخر لفظاً ورتبة لكن مجيئه عن العرب دليل على جوازه هنا.
    وإن كان الضمير منصوبًا أو مجرورًا حذفته نحو: ضربت وضربني زيد، ومررت ومر بي زيد، ولا يؤتى بهذا الضمير إذ لو قيل: ضربته وضربني زيد، ومررت به ومر بي زيد. لعاد الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وهذا الضمير فضلة يستغني عنه الكلام، فيحذف.
    قوله: (وَلَيْسَ مِنْهُ ¬ كَفَانيِ ولَمْ أَطْلُبْ قَلِيلٌ مِنَ المَالِ ¬ لِفسَادِ المَعْنى) .
    أي ليس من باب التنازع قول امرئ القيس:
    ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة ……كفاني ولم أطلب قليل من المال (1)
    لأن من شرط التنازع صحة توجه كل واحد من العاملين إلى ذلك المعمول من غير فساد في اللفظ ولا في المعنى، وفي هذا البيت تقدم عاملان وهما: (كفاني) و (لم أطلب) وتأخر معمول واحد وهو (قليل من المال) ولو توجه إليه العاملان لفسد المعنى المراد. إذ يصير التقدير: (كفاني قليل من المال ولم أطلب قليلاً من المال) وهذا كلام غير مستقيم، فيتعين أن يكون مفعول (أطلب) محذوفاً، وتقدير الكلام: لو كان سعيي لأدنى معيشة كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك، ومقتضى ذلك أنه طالب للملك. وهذا هو المراد، بدليل قوله بعده:
    ولكنما أسعى لمجدٍ مُؤثَّل ……وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
    ومجد مؤثَّل: أي: قديم.

КОМЕНТАРІ •