[السقوط إلى الأعلى] حفل زفافي و تفاصيل أشاركها لاول مرة عني وعن زوجي.

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 26 січ 2025
  • اليوم كان حفل زفافي، بعد 13 سنة من الفراق. بدأت قصتي مع محمد في لقاء عبر إذاعة الشباب. كان محمد إحدى الشخصيات المشاركة في حوار مباشر على الهواء.
    تمت دعوتي للمشاركة في هذا الحوار، رغم أنني كنت مغتربة منذ طفولتي ولم أزر مسقط رأسي منذ ذلك الوقت. لكنني كنت شخصية مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولدي فيديوهات تتحدث عن العلاقات العاطفية والرابط الروحي بين الناس.
    محمد كان شخصية سياسية وفلسفية، وفي الوقت ذاته كان معلّم نحو. كان من القلة الذين يحفظون القرآن ودواوين الشعر القديمة عن ظهر قلب.
    لا أعرف بالضبط لماذا تمت دعوته للمشاركة في حوار لطيف كهذا عن العلاقات في عصر الإنترنت. ربما كان حضوره هو “البهار الحار” (الشطة) الذي احتاجه النقاش المباشر على الهواء.
    كان صوته العميق والخشن وأسلوبه الناقد والخالي من المشاعر يستفز الجميع، لكن المثير للدهشة أنه كان يوجه الكلام للجميع عداي. وكلما تحدثت، كان يصمت بصمت شعرت أنه غريب.
    فضولي تجاه سلوكه دفعني للتواصل معه عبر فيسبوك بعد أن لاحظت أنه يتابع صفحتي الشخصية.
    بدأنا نتعارف، ودارت أحاديثنا حول المجتمع الأوروبي والشرقي، وحول الشعر، والحرب، والسلام.
    كل شيء في شخصية محمد كان خامًا وخشنًا وصعبًا؛ نقيضي في الظاهر، لكنه يشبهني في كل ما نسيه عن روحه: الشفافية، والرومانسية، والحرية، والاندفاع، والشغف.
    كان يقضي ساعات طويلة منعزلًا في غرفته عن عائلته الكبيرة، يقرأ فيها ديوان المتنبي الجديد. أما أنا، فكنت الشابة المتمردة التي تعيش في سكن الطلبة، بعيدًا عن عائلتها. ورغم اختلافاتنا، تمازجت عوالمنا. وجدت نفسي في عزلته، ووجد نفسه في انفتاحي وجنوني وشغفي بالحياة.
    لم أتخيل أبدًا أن الرابط الذي بدأ ينمو بيننا سيكون هو الداء والدواء معًا.
    بعد أشهر من التعارف، سافرت إلى بغداد للقائه. كانت زيارتي تلك أول صحوة حقيقية في حياتي. أنا، التي كانت أعمق تجاربها مجرد إعجاب عابر أو موعد قصير لشرب القهوة أو حضور حفلة.
    بعد أسبوع من اللقاءات اليومية، عدت إلى فرنسا وفي قلبي وجع عذب وشتات يشبه السقوط العكسي. لم أشعر أنني وقعت في حب محمد فقط، بل شعرت أنني سقطت من أرضي إلى سماء إنسان. وكان هذا السقوط هو الحياة الحقيقية، وكل ما ظننته حياة من قبل كان مجرد غيبوبة.
    بعد سنتين من اللقاءات والفراق، والتردد بين أن نكون أو لا نكون، بدأنا نتحدث عن الارتباط. وتفاجأت بأن عائلة محمد رفضتني حتى قبل أن تعرفني. كانت لديهم أفكار عرقية وانتقادية. فكرة ارتباط ابنهم المفضل بشابة أوروبية كانت مرفوضة تمامًا، حيث ربطوا الغرب بالتحرر والانحلال.
    لم يستطع محمد أن يصارحني بالأمر لفترة، وكان غامضًا حتى اقترح أن نؤجل موضوع الارتباط لبعض الوقت.
    مرت سنتان أخريان، وخلال تلك الفترة اعترف لي محمد بأفكار عائلته. وبعد محاولات عديدة منه، قررت أن أنسحب من حياته، لأمنحنا نحن الاثنين فرصة لاتخاذ قرارات شجاعة وجريئة تناسب كلاً منا.
    عشنا عامًا من القرب والبعد، ومحاولات النسيان. وبدأت والدة محمد تبتزه عاطفيًا، مطالبة إياه بالارتباط بالفتاة التي اختارتها له.
    وجدت نفسي أنسحب أكثر، حتى لا أؤثر على قرار محمد.
    ولأول مرة، غاب محمد عني لستة أشهر. أيقنت حينها أنه تزوج، لأن غيابه كان إشارة كافية لنهاية كل ما بيننا.
    خلال تلك الفترة، تقدم لخطبتي ابن خالتي وصديق طفولتي الأقرب. لجأت إليه للمواساة ومحاولة النسيان.
    تزوجت ابن خالتي، ومرت سنة شعرت فيها أنني بخير. كان هو الألفة والصداقة والاحترام الذي اعتدت عليه، وكان يبذل جهده لإسعادي.
    حتى وقعت عيني على مقال يتحدث عن اعتقالات قديمة في بغداد، ورأيت وجه محمد بين المعتقلين.
    لم تكن الممارسات السياسية لمحمد واضحة بالنسبة لي، ولم يسبق أن شارك في مظاهرات من قبل.
    بحثت أكثر، واكتشفت أن والدة محمد توفيت وهو في السجن، وأنه سيطلق سراحه خلال شهر.
    طوال ذلك الشهر، شعرت أنني منفصلة عن العالم. فقدت اتصالي بحياتي اليومية تمامًا.
    زوجي، الذي كان كثير السفر، كان في تلك الفترة يتولى مشروعًا في النمسا، وغاب لأكثر من ثلاثة أسابيع.
    تزامنًا مع عودته من السفر، تفاجأت برسالة من محمد على فيسبوك.
    لم تكن رسالته تحكي عن شوقه أو معاناته أو السنوات التي مضت. اختصر كل شيء في سطر واحد:
    “قل للمليحة بالخمار الأسود، ماذا فعلت بناسك متعبد؟”
    قرأت الرسالة، ودخلت في صحوة جديدة.
    لم أعرف كيف أتعامل مع شعوري بالانفصال الذي اجتاحني عندما احتضنني زوجي عند استقبالي له في المطار. شعرت حينها وكأنني تلاشيّت تمامًا، واختفيت. لم أكن نفس الإنسانة التي ترقّرت عيناها بالدموع وهي تودعه قبل أسابيع قليلة. كيف يمكن أن يتغير الشعور بهذه السرعة، ما بين لحظة وأخرى؟ وما معنى هذا التوهان الذي شعرت به وأنا أسير بجانب زوجي ونحن نخرج من المطار؟
    لم يتوقف زوجي عن تقبيل يدي والحديث بحماس عن تفاصيل رحلته وعن الطقس الجميل في النمسا. كان مشغولاً بالسرد، ولم يلحظ شرودي وغياب روحي آنذاك.
    كان يقود السيارة بسرعة كبيرة ويشغل أغاني هيثم يوسف، التي كانت دائمًا المفضلة لدينا معًا. بدا مليئًا بالسعادة والحيوية. راقبته من بين رموشي الناعسة وسألت نفسي: ماذا لو لم تصلني رسالة محمد تلك؟ ربما كنت الآن أعيش هذه السعادة مع زوجي وأشاركه فرحه.
    وقبل أن يرن هاتفي بثوانٍ، فاجأني زوجي بإعلان مفاجأة عيد زواجنا الثاني قائلاً:
    “هذا العام سنحتفل بعيد زواجنا في بغداد. أعرف كم تحبين بغداد وزيارة الأهل هناك. وفي الوقت نفسه، وصلني عرض عمل رائع في بغداد، سأخبرك بتفاصيله لاحقًا. ما رأيك بالمفاجأة؟”
    بغداد؟ الآن؟ لم أزر بغداد منذ آخر لقاء جمعني بمحمد. ماذا يحدث؟ هل هذا يعني أنني قد ألتقي بمحمد من جديد؟

КОМЕНТАРІ •