المحاضرة الخامسة - "الإنسان في العرفان ـ ابن عربي نموذجا" - الدكتور محمد أمعارش من المغرب

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 13 вер 2024
  • @study-circle-ibn-al-arabi
    #ابن_العربي
    محاضرة الخامسة - سلسلة محاضرات جمعية محيي الدين ابن العربي
    -----------------------------------------------------------------------------------------
    ملخص المحاضرة : "الإنسان في العرفان ـ ابن عربي نموذجا"
    تعتبر المعرفة بالإنسان شرطا في المعرفة بالحق عند ابن عربي وعند سائر عرفاء المسلمين، بالنظر إلى خلق الإنسان على الصورة الإلهية، ونفخ الروح الإلهية فيه، وتعليمه الأسماء الإلهية كلها، وكونه القصد من إيجاد العالم والغاية من الخلق، وموضع نظر الحق ومناط استخلافه في الأرض، ومجلى الأسماء الإلهية التي توجهت كلها إليه، فهو المتسع وحده من بين سائر المخلوقات لقبول التجليات الإلهية، من حيث استعداده الذاتي، وقبول مرآته المجلوة إظهار الحق. ومن ثمة ليس لأحد من الخلق ما للإنسان من جمعية واتساع، "وليس كمثله شيء من العالم"، في نظر ابن عربي. وعلى هذه القاعدة كان تمجيد الإنسان في العرفان تمجيدا للحق وتعظيما له، لا نفيا له وتنقيصا منه، لأنه "من توقف وجوده على فناء شيء، فلا وجود له حتى يفنى، فإن وجد فقد فني ذلك الشيء المتوقف عليه، وحصل المعنى" كما يقول ابن عربي على لسان "الإمام المغربي" بـ"اللسان الغربي" في "الفتوحات المكية"، ولأنه من مدح هذه الصنعة الرفيعة والباهرة مدح الصانع بالضرورة. فالإنسان أثر الحق، وهذا الأثر هو الأصل في معرفة المؤثر/الحق، والطريق الموصل إليه، فالطريق / الإنسان، شعيرة من الشعائر الدالة على الحق.إن فهم الحق والخلق تمر ضرورة بمعرفة وفهم الحضرة الإنسانية في كل أبعادها وأسمائها وصفاتها، أي بالوعي الإنساني بذاته والذي انطوى فيه العالم وصورة الحق. فالحضرة الإنسانية عند ابن عربي وعند العارفين المحققين من الطائفة الصوفية وساداتها، مدخل وبوابة إلى الحضرة الإلهية ومفتاح كنوزها، والأدب مع الحق لا يكون إلا بالأدب مع الخلق ورعاية حرمة الإنسان ومكانته من الحق وتعظيمه إياه وتكريمه وتشريفه.
    إن هذه المنزلة الرفيعة والمرتبة الشريفة والأصيلة للإنسان، حسب العرفان والعرفاء، لم تحدث له من نشأته وخلقه فحسب على الصورة، وإنما هي حصيلة تطور أيضا لهذا لإنسان القابل للرقي والتوسع والتوسيع، في مواجهة قدره ومستقبله المبرمج في ذاته ونشأته ليحمل مسؤولية النيابة والخلافة بالعدل والعلم الذين عجنت بهما طينته المختمرة، وهما اليدان الحواريتان اللتين تناوبتا على تشكيل جسده البرزخي؛ يد الظاهر ويد الباطن، فكان الإنسان حصيلة حوار اختلافي وتشاجري وتفاعل تركيبي بدئي أصيل مستديم ومتنام ودينامي، وحصيلة سماع للشؤون التكوينية والتشكيلية والتحديثية للحق معه، مما نسميه بحركته في التاريخ المتجهة إلى إكمال صورته وتحقيق جمعيتها. فالإنسان الكامل بهذا التعريف العرفاني، هو من وجه مجموع تحققاته النسبية في التاريخ، ومن وجه آخر هو مشروع للتحقيق أي غاية وقصد وحافز للعمل، وجهد للتحسين والتجويد والتحيين، ومن ثمة لم يكن ممكنا قبل العصور الحديثة، التي اجتمعت لها الشروط التاريخية والنواميس الوقتية، أن يظهر الإنسان واقعا بهذا المفهوم الكمالي الإيجابي والفاعل في التاريخ، والمبدد في العرفان الصوفي المستغرق في التأمل النظري المعرفي والأخلاقي. لقد صارت للإنسان مؤسسات ومنصات لرعاية الحق الذي له وعليه، وعلوم للإنسان تخصصت في دراسته وبحثه وتشكيل وعي جديد بأدواره في صناعة قدره ومستقبله، وتقلد مهام ومسؤوليات الاستخلاف الإلهي كاملة وباقتدار، أهله له استعداده الذاتي وقبوله الصورة والأسماء الإلهية وظهوره بها من جهة، وتطوره التاريخي الجسدي البرزخي (جدل الروح والجسم) وحركته في الزمان لتعرف نفسه وزيادة اكتشافه للحق الذي ينطوي عليه وعيه، من جهة ثانية.
    تنطلق المحاضرة من المفهوم الحداثي الموسع والمفتوح للإنسان، الذي بشر به العرفان في تحديده للوضع الاعتباري الأنطولوجي والكوسمولوجي للإنسان عامة، والإنسان الكامل المتطور عنه خاصة، بهدف رصد الإرهاصات الأولية لعرفان إنساني في المجال الثقافي والفكري الإسلامي، وعلى وجه التحديد في قطاع التصوف وعلومه، ظل عائما وعالقا في الجدل الكلامي واللاهوتي، وفي سياق تاريخي وسياسي مطبوع بالكوابح والعقبات والموانع، وبعدم النضجوتوفر الدواعي للإعلان عن ميلاد إنسانية جديدة، فضلا عن دخول حضارة المسلمين مرحلة الانكسار والجمود، وكل هذه الأسباب لم تسمح بإحداث نقلة نوعية في الاجتهاد العلمي والمعرفي العرفاني والصوفي، أو بروز تحول كيفي وتغيير كبير في آليات التلقي والفهم وفي باراديغم العلوم والمعارف والأبحاث التي توقفت في منتصف الطريق وعند نصف الصورة الإنسانية، دون تحصيلها كاملة في دورة الوجود والشهود، وفي مدارج الرقي والصعود بالعلم والعمل من أجل الإنسان وفي خدمته وترقيته وبقائه وتحسين حياته، وتحقيق حريته، التي كانت غاية الغايات العملية في العرفان.
    ==================
    السيرة الذاتية للدكتور محمد أمعارش :
    حاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية؛
    كاتب وباحث في قضايا التأويل والخطاب الصوفي؛
    شارك في عدد من الملتقيات والندوات الدولية، ونشرت له العديد من الدراسات والترجمات المحكمة، في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، منذ عام 1984.
    صدر له كتابان:
    "النص والاختلاف، هرمينوطيقا الصورة الإلهية عند ابن عربي"، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، بيروت، 2017.
    "فكر خارج القبضة، دراسات في تصوف ابن عربي"، دار بدائل للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، 2019.
    أحد الأعضاء المؤسسين لـجمعية ابن العربي للناطقين بالعربية

КОМЕНТАРІ • 1