قصر الجمّ.. درّة العمارة الرومانية في افريقيا

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 14 кві 2024
  • قصر الجمّ.. درّة العمارة الرومانية في افريقيا على بعد 205 كلم عن العاصمة التّونسيّة، و65 كلم عن ولاية سوسة السّاحليّة وتحديدا بولاية المهديّة التي كانت تسمى في العصور القديمة "تيْسدروس"، يتربّع "قصر الجم" أو كما يعرف سابقًا بــ"كوليسيوم تيسدروس"، درّة من درر العمارة الرومانيّة في افريقيا، ثالثُ أكبر مسرحٍ رومانيٍ في العالم بعد كولوسيوم "روما" وكولوسيوم "كابو"، رافعًا هامته نحو السّماء، شامخًا بأنفته التاريخيّة والحضاريّة الفريدة، صامدًا رغم ما شهده من عواصف وحروب وشدائد. شيدت معالم هذه التحفة المعمارية العريقة بأمر من الإمبراطور الروماني غورديان الثاني، منذ أكثر من 1800 سنة، وتحديدا في عام 238 ميلادي، لتكون مسرحا رومانيا عظيما منفردا، شاهدا على جملة من الأحداث التي شكلت منعطفا في التاريخ الإنساني في المنطقة، فسعى منشئيه إلى تلافي كافة الأخطاء الهندسية التي وقعت في بناء مدرج "روما" الأكبر والأسبق، وذلك من خلال الاعتماد على تقنيات متطورة لتمكين المتفرج من مشاهدة ما يدور في الحلبة من أي زاوية أو موقع. هذا إلى جانب تغير لون درجات حجارة حيطان القصر مع مرور ساعات النهار. "قصر الجم"، الذي شيدت معالمه على منبسط يعكس أسس التوازن الذي اختار الرومان تكريسه، يتسع إلى 35 ألف متفرج، وتبلغ مساحته الـ 18 ألف متر مربع فيما يبلغ ارتفاع واجهته الأمامية الـ36 متر. أما بالنسبة لحلبته فتبلغ مساحتها الـ2535 متر مربع، وقد كانت مخصصة للاستعراضات القتالية، كقتال الرجال للحيوانات المفترسة أو صراع الوحوش فيما بينها أو قتال الفرسان لبعضهم البعض لأغراض سياسية. حلبة واسعة واستراتيجية، يقع تحتها رواقان عريضان يدخل منهما الممثلين والفرسان والمصارعين من أسرى الحرب والسباع الضارية، ويصلهما الضوء من الفتحة الوسطى للحلبة، حيث كان المصارعون والوحوش يؤسرون في غرف تحتية، ليتم إطلاقهم في الأعياد والمناسبات الضخمة. يحظى هذا المعلم التاريخي بموقع استراتيجي متميز إذ كان يتوسط إفريقيا القديمة، فتحده شواطئ البحر المتوسط شرقا، ونوميديا غربا، وقد عرف حسب ما دون في بعض الكتابات العربية القديمة بــ"قصر الكاهنة"، وهي قائدة بربرية احتمت بقصر الجم أثناء الفتح الإسلامي أي في أوائل القرن الثامن ميلادي، مع جيشها لمدة أربع سنوات، قبل أن يحتمي به السكان سنة 1695 حين ثاروا على محمد الباي الذي أمر، بعد إخماد ثورتهم، بهدم الجانب الغربي منه لكي لا يتحصن به أحد مستقبلا. روعة تصاميمه وجماليته المتميزة وانفراده المعماري وقوته الهيكلية، كل هذه المعايير الاستثنائية والمهمة جعلته يتربع على قائمة التراث العالمي لليونسكو سنة 1979، خاصة أنه حظي، على مدى عقود من الزمن، بإعجاب المؤرخين العرب في العصور الوسطى والذين اعتبروه من "عجائب الدنيا"، إلى جانب دهشة الرحالة الأوروبيون خلال القرون الماضية مؤكدين أنه "علامة فارقة لإفريقيا الرومانية"، ليتحول منذ حوالي عقدين، إلى مسرحا يحتضن الحفلات العالمية والمهرجانات الصيفية على غرار مهرجان الموسيقى السمفونية. أما اليوم فتشهد مدارج هذا الصرح العملاق أشغال ترميم وتهذيب وصيانة، وذلك في إطار هبة قدّمها صندوق سفراء الولايات المتحدة الأمريكية إلى المعهد الوطني للتراث سنة 2019، تقدّر قيمتها بـ1.5 مليون دينار.

КОМЕНТАРІ •