أهل السنة و الأثر لا أسرار لهم، بل سرهم كعلانيتهم، و لله الحمد. من أهم السمات التي يتميز بها أهل السنة و الأثر الذين هم على منهاج النبوة بحق أنهم واضحون ليس لهم أسرار يخفونها عن الناس. قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في سياق التأكيد على هذا المعنى: "إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة." [أصول اعتقاد أهل السنة (135)] و من راقب أحوال الجماعات المنحرفة كلها فإنه سيجد حياة جميع المنتمين إليها مفعمة بالغموض العجيب و محاطة بالكتمان المريب، و هذا في حد ذاته دليل على فساد مناهجهم و ضلال مسالكهم، فما بالك بسائر انحرافاتهم عن منهاج النبوة و مخالفاتهم لأصول اعتقاد أهل السنة!! فالإسلام بريء من الجماعات الإسلامية و الحزبيات التكفيرية، حيث إنها قائمة على "البدعة و الفرقة" و هما مناقضان تماما لمفهوم "السنة و الجماعة"؛ فالسنة عكسها البدعة، و الجماعة عكسها الفرقة؛ فأعضاء هذه الجماعات و الحزبيات هم من أهل البدعة و الفرقة، و ليسوا من أهل السنة و الجماعة. جميع الذين تسببوا في تشويه الإسلام هم من المنتسبين إلى الجماعات الإسلامية لأنهم يتبعون أهواء شيوخهم الضالين المخالفين لهدي النبي ﷺ و يوهمون الناس أن هذا هو الدين، و ليس الدين في الحقيقة إلا ما ثبت عن النبي ﷺ؛ فلا هم اتبعوا النبي ﷺ ليفلحوا، و لا هم أخبروا الناس بالحقيقة المشينة أنهم على غير منهاج النبوة ليعلم الناس أن الإسلام منهم براء، بل ظلوا يعكرون الماء ثم يصطادون في الماء العكر حتى تسببوا في نفور الناس من دين الله الذي لم يستقيموا هم عليه أصلا ليكونوا قدوة لغيرهم في الاستقامة عليه، بل شوهوه بانتسابهم إليه. انشروا هذا التنبيه لتبرئة الإسلام من الذين انتسبوا إليه و لم يكونوا في الحقيقة دعاة إليه، بل كانوا يحشدون الناس لنصرة جماعاتهم و أحزابهم و طرائقهم، لذلك لم يجعل الله لهم قبولا في قلوب عباده. الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم و فضلنا عليهم و على كثير ممن خلق تفضيلا. و صلى الله و سلم و بارك على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين. كتبه أبو سلامة محمد بن سلامة الأثري المصري.
تسابقوا على الآخرة و لا تتنافسوا على الدنيا، و اصبروا أنفسكم مع أهل الآخرة و لا تفتنوا أنفسكم مع أهل الدنيا. قال الله تعالى: "فلا تغرنكم الحياة الدنيا،" و قال رسول الله ﷺ: "اتقوا الدنيا" و قال ﷺ: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى و ما والاه و عالما أو متعلما." [الجامع الصحيح] فاحرصوا على صحبة الحريصين على الآخرة فقط؛ فإن صحبة الحريصين على الدنيا كآبة في الدنيا و ندامة في الآخرة؛ فلا تغتروا بغفلتهم المذمومة و لا بنشوتهم المسمومة. رزقنا الله و إياكم صحبة المتسابقين على الآخرة، و وقانا و إياكم شر صحبة المتنافسين على الدنيا. و صلى الله و سلم و بارك على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين. كتبه محمد بن سلامة الأثري.
الفرق بين منهج أهل السنة و الأثر و بين منهج أهل البدعة و الأشر: ■■ أولا، سمات منهج أهل السنة و الأثر: ● غايته العظمى بلوغ رضا الله و الجنة و الفرار من سخطه و النار. ● اتجاهه المستقيم نحو هذه الغاية يتلخص في إقامة الإسلام بالقرءان و السنة و الأثر، حيث هي أدلته الثلاثة، و ما سواها فهو خرص أو رأي أو هوى. ● توحيد الله تعالى علميا بإفراده سبحانه بمطلق الجلال و الكمال و الجمال في ذاته و أسمائه و صفاته و أفعاله كما أخبر عن نفسه تبارك و تعالى و كما أخبر عنه نبيه ﷺ، دون تحريف أو تعطيل، و دون تكييف أو تمثيل، و هذا هو التوحيد العلمي الخبري أو توحيد المعرفة و الإقرار، و هو الذي اشتهر باسم توحيد الربوبية أو توحيد الأسماء و الصفات، و هذا التوحيد إذا صح لأحد فإنه يلزم منه التوحيد العملي الذي بعده. ● توحيد الله تعالى عمليا بإفراده سبحانه بالعبادة و الاستعانة الخالصين له بمقتضى التوحيد العلمي الخبري الذي سبق بيانه، و هذا هو التوحيد العملي التطبيقي أو توحيد العبادة و الاستعانة، و هو الذي اشتهر باسم توحيد الألوهية، و هو الذي عليه مدار كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، و هو متضمن حتماً للتوحيد العلمي الخبري الذي قبله لأنه لازمه. ● توحيد النبي ﷺ بالإمامة و المرجعية، بحيث لا اتباع لغيره، و لا ولاء و لا براء على غيره، مهما بلغ من العلم، و لا تعصب لمذهب أو فرقة أو جماعة، إنما العبرة بما ثبت عنه ﷺ. ● العلم بأن القرءان كلام الله، منزل عَلَى قلب نبيه مُحَمَّد ﷺ، و أنه غير مخلوق. ● حصر تقييد الأدلة بفهم الصحابة - رضي الله عنهم - فقط، و ليس بفهم كل من سلف، لأن توسيع هذا القيد يؤدي إلى تضييع الأحكام؛ فالصحابة - رضي الله عنهم - هم الذين عاصروا النبي ﷺ، بالإضافة إلى أنهم جميعا عدول، بخلاف غيرهم (في الأمرين). ● العلم بأن الإيمان تصديق بالقلب و قول باللسان و عمل بالبدن، و أنه يزِيد بالطاعة و ينقص بالمعصية. ● عدم تكفير أحد من أهل التوحيد، و إن وقعوا في شيء من كبائر الذنوب، ناهيك عن الصغائر. ● العلم بأن أفضل الناس بعد رسول الله ﷺ أبو بكر - رضي الله عنه - و عمر رضي الله عنه - و عثمان - رضي الله عنه - و علي - رضي الله عنه - ابن عم رسول الله ﷺ. ● الترحم عَلَى جميع أصحاب رسول الله ﷺ، و على أولاده و أزواجه و أصهاره - رضوان الله عليهم أجمعين. ● تقديم منهج المتقدمين من أئمة الحديث على منهج المتأخرين، بحيث لا يلتفت إلى رأي المتأخرين إذا خالفوا المتقدمين، و ذلك في الرواية و الدراية على حد سواء، فالعبرة بالنقل (في كليهما)، و ليس بالابتداع. ● تأصيل العلم الشرعي و توثيقه بتحري الأدلة المروية و عزو كل دليل إلى موضعه بالمصادر الأصلية للسنة و الأثر، و ذلك لمنع الهواة و المبتدعة من اختراق مجال العلم الشرعي بالآراء التي يظنونها أدلة. ● الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة و الموعظة الحسنة و صالح الأخلاق و أمانة النقل، دون استكبار أو تعجرف أو بطر للحق أو غمط للناس. ● تفنيد شبهات أهل الباطل بالحجج و البراهين الساطعة من القرءان و السنة و الأثر من خلال سرد الأدلة و بيان مدلولاتها الشرعية و مناطاتها الفقهية. ● طاعة ولاة الأمور في المعروف و التعاون معهم على البر و التقوى، و تحريم خروج العوام عليهم، لأن أمر تولية و عزل السلاطين منوط بأهل الحل و العقد من الأمراء و العلماء الذين بيدهم زمام الأمور في البلاد. ● عدم الخوض في الفتن، سواء كانت فتن شبهات أو شهوات، سواء كان بالسعي فيها أو مخالطة أصحابها أو الدخول في ترهات المراء الذي لا يقوم على معايير شرعية، لأن النبي ﷺ أمر باجتناب الفتن، مع وجوب بيان الحق بدليله دون مهاترات. ● ترك المراء و الجدال فِي الدين إلا أن يكون رداً على أهل البدع بالدليل من القرءان و السنة و الأثر. ● الأخذ بالرخص الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ إذا تحققت مناطاتها الفقهية لأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه. ■■ ثانيا، سمات منهج أهل البدعة و الأشر: ● عدم الاهتمام بالتوحيد و السنة و الطاعة لله تعالى و لرسوله ﷺ و لأولي الأمر في المعروف. ● عدم التحذير من الشرك و البدعة و المعصية لأن منهج أهل الأهواء قائم على تبرير أي شيء طالما يخدم أهدافهم التي لا تنضبط بمعايير الشرع. ● الخوض في أسماء الله تعالى و صفاته سبحانه بما يخالف هدي النبي ﷺ من أجل تعطيلها أو تحريفها بتأويلات فاسدة تتناسب مع التأصيلات الباطلة التي يعتقدها أهل البدع و الأهواء. ● التشكيك في أن القرءان كلام الله، بل و تصريح بعض أهل البدع بأن القرءان مخلوق، و العياذ بالله. ● حصر الإيمان في التصديق بالقلب دون الالتفات إلى القول باللسان و العمل بالبدن، و عدم الإقرار بأن الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية. ● الطعن في المصادر الأصلية للسنة و الأثر ليفقد الناس الثقة فيها و يقبلوا من أهل البدع كل أكاذيبهم دون سؤال عن دليل أو مصدر. ● إصدار فتاوى لا أصل لها و لا دليل عليها. ● الكبر بطرفيه اللذين هما بطر الحق و غمط الناس. ● تقديس كل فريق منهم لشيخهم و تجهيل الآخرين. ● رد الأدلة من أجل الدفاع عن الآراء. ● تقديم منهج المتأخرين على منهج المتقدمين. ● تضعيف الأحاديث الصحيحة إذا خالفت الأهواء. ● تصحيح الأحاديث الضعيفة إذا وافقت الأهواء. ● تهديد غيرهم بالتبديع، و لو جاء بالأدلة الدامغة. ● تكفير أهل التوحيد بمجرد فعل كبائر الذنوب. ● تبرير الخروج على ولاة الأمور حسب الحاجة. ● الخوض في الفتن، سواء كانت فتن شبهات أو شهوات، سواء كان بالسعي فيها أو مخالطة أصحابها أو الدخول في ترهات المراء الذي لا يقوم على معايير شرعية. ● الإصرار على المراء و الجدال فِي الدين بلا دليل من القرءان و لا السنة و لا الأثر. ● تعطيل الرخص الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ مهما تحققت مناطاتها الفقهية من أجل تمثيل الورع الكاذب الذي يصطادون به السذجة و المغفلين.. فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم و فضلنا عليهم و على كثير ممن خلق تفضيلا. بارك الله لنا و لكم في الإسلام و القرءان و السنة و الأثر، و وقانا جميعا شر الضلال و البهتان و البدعة و الأشر. و صلى الله و سلم على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين. كتبه أبو سلامة محمد بن سلامة الأثري المصري.
الملخص الجامع لبيان منهج أهل السنة و الأثر: أولا، السنة: السنة في أصل اللغة العربية هي "المنهج المتبع"، و لذلك يطلق لفظ السنة لغويا على كل ما فعله أحد، و اتبعه فيه ءاخرون؛ و منه السنة الحسنة و السنة السيئة. أما السنة في اصطلاح العلم الشرعي، فهي المنهج المتبع مما ثبت عن النبي ﷺ من قوله و فعله و صمته و تركه و صفته و إقراره، سواء كان مرفوعا إليه لفظا أو حكما. ثانيا، الأثر: الأثر في أصل اللغة العربية هو "الدليل الباقي"، و لذلك يطلق الأثر على كل ما بقي ليدل على ما كان قد حدث قبله؛ و جمع هذا اللفظ هو "ءاثار"؛ و منه ءاثار الأقدام و ءاثار الأمم السابقة؛ أي ما بقي بعدها مما يدل عليها. أما الأثر في اصطلاح العلم الشرعي، فهو الدليل الباقي مما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - من حفظ السنة النبوية و فهمها و تطبيقها، و مما ثبت عن التابعين - رحمهم الله - من نقلها و تحقيقها و توثيقها. و على ما سبق، فإن "أهل السنة و الأثر" هم أهل المنهج المتبع و الدليل الباقي؛ فمنهجهم المتبع هو منهج النبي محمد ﷺ قولا و فعلا و صمتا و تركا و صفة و إقرارا، و دليلهم الباقي هو ما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - و عن التابعين - رحمهم الله - من التعامل مع السنة النبوية حفظا و فهما و تطبيقا و نقلا و تحقيقا و توثيقا؛ فأهل السنة و الأثر هم أهل المنهج و الدليل؛ فلا يتبعون الرأي و لا الهوى، لأن الرأي سبب البدعة، و الهوى سبب الأشر (بفتح الهمزة و الشين؛ أي بطر الحق و إنكاره بعد ثبوته)؛ و الأشر و البدعة ءافتان خطيرتان متلازمتان تؤديان إلى البهتان و الضلال. فالهوى بداية طريق الضلالة لأنه يورث صاحبه الأشر، فيتبع الرأي فيؤدي به الرأي إلى البدعة، ثم تجره البدعة إلى البهتان (و هو الافتراء على الله تعالى ليدافع عن البدعة)، فيوصله البهتان إلى الضلال بأي نوع من أنواعه، سواء كان إلحادا أو كفرا أو شركا أو نفاقا أو زندقة، فيسخط الله عليه، ثم يكون مصيره إلى النار؛ نعوذ بالله من سخطه و من النار. فمن اتبع هواه هلك، و من خالف هواه نجا؛ لذلك قرن الله عز و جل مخافة مقامه سبحانه بنهي النفس عن الهوى، فقال تعالى: "و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى." [سورة النازعات] و على الجانب الآخر، فإن الامتثال هو بداية طريق الهداية، لأنه يورث صاحبه استقصاء الدليل الذي هو الأثر، فيعرف من خلاله السنة، فيفهم بالسنة القرءان، فيقيم بالقرءان الإسلام، فيرضى الله تعالى عنه، ثم يكون مصيره إلى الجنة؛ نسأل الله رضاه و الجنة. و هكذا تكمن أهمية السنة و الأثر في أن رضا الله تعالى (المقتضي لدخول الجنة) لا ينال إلا بفطرة الإسلام، و الإسلام لا يقام إلا بهداية القرءان، و القرءان لا يفهم إلا ببيان السنة، و السنة لا تعرف إلا بثبوت الأثر. فنحن، أهل السنة و الأثر، نعمل على نبذ التطرف الديني و التعصب المذهبي، و نجدد المفهوم الشرعي الأصيل أنه لا قدسية لبشر بعد رسول الله ﷺ، و أنه لا اتباع و لا اعتبار لغير القرءان الكريم و السنة النبوية المطهرة و ءاثار الصحابة - رضي الله عنهم - كما نقلها و حققها و وثقها جهابذة التابعين. و لا نعتبر الرأي دليلا في ذاته، و لا نعتبر المذاهب المبنية على الرأي مصادر استدلال في ذاتها، و لا نعتبر العلماء المعاصرين - مهما بلغوا من العلم - حجة على السابقين الأولين، بل السابقون الأولون من المتقدمين حجة علي جميع المعاصرين في الرواية و الدراية على حد سواء. فمن جاءنا بآية قرءانية (ببيان السنة النبوية الصحيحة لتفسير الآية و مناطها) أو حديث نبوي (بالسند الصحيح و بيان الصحابة - رضي الله عنهم - لمعناه و سياقه) أو أثر من ءاثار الصحابة - رضي الله عنهم - (بالنقل الموثق من المصادر الأصلية المروية عن مصنفيها بالأسانيد الصحيحة)، قبلنا منه، و من جاءنا برأيه أو رأي شيخه أو رأي مذهبه أو رأي جماعته، رددناه عليه و ضربنا به عرض الحائط، رضي بذلك من رضي، و سخط من سخط. و ذلك لأنه لما سئل النبي ﷺ عن الناجين من الفتن عند تفرق الأمة في ءاخر الزمان قال في وصفهم: "الذين هم على ما أنا عليه اليوم و أصحابي." رواه الطبراني في المعجم ألأوسط و المروزي في السنة و غيرهما بسند صحيح. و في رواية أخرى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ نَكَحَ أُمَّهُ عَلَانِيَةً كَانَ فِي أُمَّتِي مِثله؛ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّة، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَة،» فَقِيلَ لَهُ: مَا الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي.» رواه الإمام الحاكم في المستدرك بسند صحيح على شرط البخاري و مسلم. و واضح جدا في الروايتين أن جملة "ما أنا عليه اليوم و أصحابي،" أي على سنة النبي ﷺ و ءاثار أصحابه الذين رضي الله عنهم و رضوا عنه، و هي الملة النقية التي كانوا عليها قبل ظهور الفتن و البدع و المحدثات و الفرق الضالة و الجماعات المنحرفة. فوجب على كل عاقل يريد أن ينجو من فتن الشبهات و الشهوات أن يتمسك بالسنة و الأثر لقوله ﷺ أيضا: "إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ عضوا عليها بالنواجذ، و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار." رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة و الدارمي و أحمد و غيرهم بسند صحيح. جعلنا الله و إياكم من الناجين في الدنيا و الآخرة، و بارك لنا جميعا في الإسلام و القرءان و السنة و الأثر، و وقانا شر الضلال و البهتان و البدعة و الأشر. و صلى الله على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين. كتبه أبو سلامة محمد بن سلامة الأثري المصري.
أهل السنة و الأثر لا أسرار لهم، بل سرهم كعلانيتهم، و لله الحمد.
من أهم السمات التي يتميز بها أهل السنة و الأثر الذين هم على منهاج النبوة بحق أنهم واضحون ليس لهم أسرار يخفونها عن الناس.
قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في سياق التأكيد على هذا المعنى:
"إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامة، فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة."
[أصول اعتقاد أهل السنة (135)]
و من راقب أحوال الجماعات المنحرفة كلها فإنه سيجد حياة جميع المنتمين إليها مفعمة بالغموض العجيب و محاطة بالكتمان المريب، و هذا في حد ذاته دليل على فساد مناهجهم و ضلال مسالكهم، فما بالك بسائر انحرافاتهم عن منهاج النبوة و مخالفاتهم لأصول اعتقاد أهل السنة!!
فالإسلام بريء من الجماعات الإسلامية و الحزبيات التكفيرية، حيث إنها قائمة على "البدعة و الفرقة" و هما مناقضان تماما لمفهوم "السنة و الجماعة"؛ فالسنة عكسها البدعة، و الجماعة عكسها الفرقة؛ فأعضاء هذه الجماعات و الحزبيات هم من أهل البدعة و الفرقة، و ليسوا من أهل السنة و الجماعة.
جميع الذين تسببوا في تشويه الإسلام هم من المنتسبين إلى الجماعات الإسلامية لأنهم يتبعون أهواء شيوخهم الضالين المخالفين لهدي النبي ﷺ و يوهمون الناس أن هذا هو الدين، و ليس الدين في الحقيقة إلا ما ثبت عن النبي ﷺ؛ فلا هم اتبعوا النبي ﷺ ليفلحوا، و لا هم أخبروا الناس بالحقيقة المشينة أنهم على غير منهاج النبوة ليعلم الناس أن الإسلام منهم براء، بل ظلوا يعكرون الماء ثم يصطادون في الماء العكر حتى تسببوا في نفور الناس من دين الله الذي لم يستقيموا هم عليه أصلا ليكونوا قدوة لغيرهم في الاستقامة عليه، بل شوهوه بانتسابهم إليه.
انشروا هذا التنبيه لتبرئة الإسلام من الذين انتسبوا إليه و لم يكونوا في الحقيقة دعاة إليه، بل كانوا يحشدون الناس لنصرة جماعاتهم و أحزابهم و طرائقهم، لذلك لم يجعل الله لهم قبولا في قلوب عباده.
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم و فضلنا عليهم و على كثير ممن خلق تفضيلا.
و صلى الله و سلم و بارك على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو سلامة محمد بن سلامة الأثري المصري.
تسابقوا على الآخرة و لا تتنافسوا على الدنيا، و اصبروا أنفسكم مع أهل الآخرة و لا تفتنوا أنفسكم مع أهل الدنيا.
قال الله تعالى: "فلا تغرنكم الحياة الدنيا،" و قال رسول الله ﷺ: "اتقوا الدنيا" و قال ﷺ: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى و ما والاه و عالما أو متعلما." [الجامع الصحيح]
فاحرصوا على صحبة الحريصين على الآخرة فقط؛ فإن صحبة الحريصين على الدنيا كآبة في الدنيا و ندامة في الآخرة؛ فلا تغتروا بغفلتهم المذمومة و لا بنشوتهم المسمومة.
رزقنا الله و إياكم صحبة المتسابقين على الآخرة، و وقانا و إياكم شر صحبة المتنافسين على الدنيا.
و صلى الله و سلم و بارك على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين.
كتبه محمد بن سلامة الأثري.
الفرق بين منهج أهل السنة و الأثر و بين منهج أهل البدعة و الأشر:
■■ أولا، سمات منهج أهل السنة و الأثر:
● غايته العظمى بلوغ رضا الله و الجنة و الفرار من سخطه و النار.
● اتجاهه المستقيم نحو هذه الغاية يتلخص في إقامة الإسلام بالقرءان و السنة و الأثر، حيث هي أدلته الثلاثة، و ما سواها فهو خرص أو رأي أو هوى.
● توحيد الله تعالى علميا بإفراده سبحانه بمطلق الجلال و الكمال و الجمال في ذاته و أسمائه و صفاته و أفعاله كما أخبر عن نفسه تبارك و تعالى و كما أخبر عنه نبيه ﷺ، دون تحريف أو تعطيل، و دون تكييف أو تمثيل، و هذا هو التوحيد العلمي الخبري أو توحيد المعرفة و الإقرار، و هو الذي اشتهر باسم توحيد الربوبية أو توحيد الأسماء و الصفات، و هذا التوحيد إذا صح لأحد فإنه يلزم منه التوحيد العملي الذي بعده.
● توحيد الله تعالى عمليا بإفراده سبحانه بالعبادة و الاستعانة الخالصين له بمقتضى التوحيد العلمي الخبري الذي سبق بيانه، و هذا هو التوحيد العملي التطبيقي أو توحيد العبادة و الاستعانة، و هو الذي اشتهر باسم توحيد الألوهية، و هو الذي عليه مدار كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، و هو متضمن حتماً للتوحيد العلمي الخبري الذي قبله لأنه لازمه.
● توحيد النبي ﷺ بالإمامة و المرجعية، بحيث لا اتباع لغيره، و لا ولاء و لا براء على غيره، مهما بلغ من العلم، و لا تعصب لمذهب أو فرقة أو جماعة، إنما العبرة بما ثبت عنه ﷺ.
● العلم بأن القرءان كلام الله، منزل عَلَى قلب نبيه مُحَمَّد ﷺ، و أنه غير مخلوق.
● حصر تقييد الأدلة بفهم الصحابة - رضي الله عنهم - فقط، و ليس بفهم كل من سلف، لأن توسيع هذا القيد يؤدي إلى تضييع الأحكام؛ فالصحابة - رضي الله عنهم - هم الذين عاصروا النبي ﷺ، بالإضافة إلى أنهم جميعا عدول، بخلاف غيرهم (في الأمرين).
● العلم بأن الإيمان تصديق بالقلب و قول باللسان و عمل بالبدن، و أنه يزِيد بالطاعة و ينقص بالمعصية.
● عدم تكفير أحد من أهل التوحيد، و إن وقعوا في شيء من كبائر الذنوب، ناهيك عن الصغائر.
● العلم بأن أفضل الناس بعد رسول الله ﷺ أبو بكر - رضي الله عنه - و عمر رضي الله عنه - و عثمان - رضي الله عنه - و علي - رضي الله عنه - ابن عم رسول الله ﷺ.
● الترحم عَلَى جميع أصحاب رسول الله ﷺ، و على أولاده و أزواجه و أصهاره - رضوان الله عليهم أجمعين.
● تقديم منهج المتقدمين من أئمة الحديث على منهج المتأخرين، بحيث لا يلتفت إلى رأي المتأخرين إذا خالفوا المتقدمين، و ذلك في الرواية و الدراية على حد سواء، فالعبرة بالنقل (في كليهما)، و ليس بالابتداع.
● تأصيل العلم الشرعي و توثيقه بتحري الأدلة المروية و عزو كل دليل إلى موضعه بالمصادر الأصلية للسنة و الأثر، و ذلك لمنع الهواة و المبتدعة من اختراق مجال العلم الشرعي بالآراء التي يظنونها أدلة.
● الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة و الموعظة الحسنة و صالح الأخلاق و أمانة النقل، دون استكبار أو تعجرف أو بطر للحق أو غمط للناس.
● تفنيد شبهات أهل الباطل بالحجج و البراهين الساطعة من القرءان و السنة و الأثر من خلال سرد الأدلة و بيان مدلولاتها الشرعية و مناطاتها الفقهية.
● طاعة ولاة الأمور في المعروف و التعاون معهم على البر و التقوى، و تحريم خروج العوام عليهم، لأن أمر تولية و عزل السلاطين منوط بأهل الحل و العقد من الأمراء و العلماء الذين بيدهم زمام الأمور في البلاد.
● عدم الخوض في الفتن، سواء كانت فتن شبهات أو شهوات، سواء كان بالسعي فيها أو مخالطة أصحابها أو الدخول في ترهات المراء الذي لا يقوم على معايير شرعية، لأن النبي ﷺ أمر باجتناب الفتن، مع وجوب بيان الحق بدليله دون مهاترات.
● ترك المراء و الجدال فِي الدين إلا أن يكون رداً على أهل البدع بالدليل من القرءان و السنة و الأثر.
● الأخذ بالرخص الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ إذا تحققت مناطاتها الفقهية لأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
■■ ثانيا، سمات منهج أهل البدعة و الأشر:
● عدم الاهتمام بالتوحيد و السنة و الطاعة لله تعالى و لرسوله ﷺ و لأولي الأمر في المعروف.
● عدم التحذير من الشرك و البدعة و المعصية لأن منهج أهل الأهواء قائم على تبرير أي شيء طالما يخدم أهدافهم التي لا تنضبط بمعايير الشرع.
● الخوض في أسماء الله تعالى و صفاته سبحانه بما يخالف هدي النبي ﷺ من أجل تعطيلها أو تحريفها بتأويلات فاسدة تتناسب مع التأصيلات الباطلة التي يعتقدها أهل البدع و الأهواء.
● التشكيك في أن القرءان كلام الله، بل و تصريح بعض أهل البدع بأن القرءان مخلوق، و العياذ بالله.
● حصر الإيمان في التصديق بالقلب دون الالتفات إلى القول باللسان و العمل بالبدن، و عدم الإقرار بأن الإيمان يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية.
● الطعن في المصادر الأصلية للسنة و الأثر ليفقد الناس الثقة فيها و يقبلوا من أهل البدع كل أكاذيبهم دون سؤال عن دليل أو مصدر.
● إصدار فتاوى لا أصل لها و لا دليل عليها.
● الكبر بطرفيه اللذين هما بطر الحق و غمط الناس.
● تقديس كل فريق منهم لشيخهم و تجهيل الآخرين.
● رد الأدلة من أجل الدفاع عن الآراء.
● تقديم منهج المتأخرين على منهج المتقدمين.
● تضعيف الأحاديث الصحيحة إذا خالفت الأهواء.
● تصحيح الأحاديث الضعيفة إذا وافقت الأهواء.
● تهديد غيرهم بالتبديع، و لو جاء بالأدلة الدامغة.
● تكفير أهل التوحيد بمجرد فعل كبائر الذنوب.
● تبرير الخروج على ولاة الأمور حسب الحاجة.
● الخوض في الفتن، سواء كانت فتن شبهات أو شهوات، سواء كان بالسعي فيها أو مخالطة أصحابها أو الدخول في ترهات المراء الذي لا يقوم على معايير شرعية.
● الإصرار على المراء و الجدال فِي الدين بلا دليل من القرءان و لا السنة و لا الأثر.
● تعطيل الرخص الشرعية الثابتة عن النبي ﷺ مهما تحققت مناطاتها الفقهية من أجل تمثيل الورع الكاذب الذي يصطادون به السذجة و المغفلين..
فالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم و فضلنا عليهم و على كثير ممن خلق تفضيلا.
بارك الله لنا و لكم في الإسلام و القرءان و السنة و الأثر، و وقانا جميعا شر الضلال و البهتان و البدعة و الأشر.
و صلى الله و سلم على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو سلامة محمد بن سلامة الأثري المصري.
الملخص الجامع لبيان منهج أهل السنة و الأثر:
أولا، السنة:
السنة في أصل اللغة العربية هي "المنهج المتبع"، و لذلك يطلق لفظ السنة لغويا على كل ما فعله أحد، و اتبعه فيه ءاخرون؛ و منه السنة الحسنة و السنة السيئة.
أما السنة في اصطلاح العلم الشرعي، فهي المنهج المتبع مما ثبت عن النبي ﷺ من قوله و فعله و صمته و تركه و صفته و إقراره، سواء كان مرفوعا إليه لفظا أو حكما.
ثانيا، الأثر:
الأثر في أصل اللغة العربية هو "الدليل الباقي"، و لذلك يطلق الأثر على كل ما بقي ليدل على ما كان قد حدث قبله؛ و جمع هذا اللفظ هو "ءاثار"؛ و منه ءاثار الأقدام و ءاثار الأمم السابقة؛ أي ما بقي بعدها مما يدل عليها.
أما الأثر في اصطلاح العلم الشرعي، فهو الدليل الباقي مما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - من حفظ السنة النبوية و فهمها و تطبيقها، و مما ثبت عن التابعين - رحمهم الله - من نقلها و تحقيقها و توثيقها.
و على ما سبق، فإن "أهل السنة و الأثر" هم أهل المنهج المتبع و الدليل الباقي؛ فمنهجهم المتبع هو منهج النبي محمد ﷺ قولا و فعلا و صمتا و تركا و صفة و إقرارا، و دليلهم الباقي هو ما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - و عن التابعين - رحمهم الله - من التعامل مع السنة النبوية حفظا و فهما و تطبيقا و نقلا و تحقيقا و توثيقا؛ فأهل السنة و الأثر هم أهل المنهج و الدليل؛ فلا يتبعون الرأي و لا الهوى، لأن الرأي سبب البدعة، و الهوى سبب الأشر (بفتح الهمزة و الشين؛ أي بطر الحق و إنكاره بعد ثبوته)؛ و الأشر و البدعة ءافتان خطيرتان متلازمتان تؤديان إلى البهتان و الضلال.
فالهوى بداية طريق الضلالة لأنه يورث صاحبه الأشر، فيتبع الرأي فيؤدي به الرأي إلى البدعة، ثم تجره البدعة إلى البهتان (و هو الافتراء على الله تعالى ليدافع عن البدعة)، فيوصله البهتان إلى الضلال بأي نوع من أنواعه، سواء كان إلحادا أو كفرا أو شركا أو نفاقا أو زندقة، فيسخط الله عليه، ثم يكون مصيره إلى النار؛ نعوذ بالله من سخطه و من النار.
فمن اتبع هواه هلك، و من خالف هواه نجا؛ لذلك قرن الله عز و جل مخافة مقامه سبحانه بنهي النفس عن الهوى، فقال تعالى:
"و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى." [سورة النازعات]
و على الجانب الآخر، فإن الامتثال هو بداية طريق الهداية، لأنه يورث صاحبه استقصاء الدليل الذي هو الأثر، فيعرف من خلاله السنة، فيفهم بالسنة القرءان، فيقيم بالقرءان الإسلام، فيرضى الله تعالى عنه، ثم يكون مصيره إلى الجنة؛ نسأل الله رضاه و الجنة.
و هكذا تكمن أهمية السنة و الأثر في أن رضا الله تعالى (المقتضي لدخول الجنة) لا ينال إلا بفطرة الإسلام، و الإسلام لا يقام إلا بهداية القرءان، و القرءان لا يفهم إلا ببيان السنة، و السنة لا تعرف إلا بثبوت الأثر.
فنحن، أهل السنة و الأثر، نعمل على نبذ التطرف الديني و التعصب المذهبي، و نجدد المفهوم الشرعي الأصيل أنه لا قدسية لبشر بعد رسول الله ﷺ، و أنه لا اتباع و لا اعتبار لغير القرءان الكريم و السنة النبوية المطهرة و ءاثار الصحابة - رضي الله عنهم - كما نقلها و حققها و وثقها جهابذة التابعين.
و لا نعتبر الرأي دليلا في ذاته، و لا نعتبر المذاهب المبنية على الرأي مصادر استدلال في ذاتها، و لا نعتبر العلماء المعاصرين - مهما بلغوا من العلم - حجة على السابقين الأولين، بل السابقون الأولون من المتقدمين حجة علي جميع المعاصرين في الرواية و الدراية على حد سواء.
فمن جاءنا بآية قرءانية (ببيان السنة النبوية الصحيحة لتفسير الآية و مناطها) أو حديث نبوي (بالسند الصحيح و بيان الصحابة - رضي الله عنهم - لمعناه و سياقه) أو أثر من ءاثار الصحابة - رضي الله عنهم - (بالنقل الموثق من المصادر الأصلية المروية عن مصنفيها بالأسانيد الصحيحة)، قبلنا منه، و من جاءنا برأيه أو رأي شيخه أو رأي مذهبه أو رأي جماعته، رددناه عليه و ضربنا به عرض الحائط، رضي بذلك من رضي، و سخط من سخط.
و ذلك لأنه لما سئل النبي ﷺ عن الناجين من الفتن عند تفرق الأمة في ءاخر الزمان قال في وصفهم:
"الذين هم على ما أنا عليه اليوم و أصحابي."
رواه الطبراني في المعجم ألأوسط و المروزي في السنة و غيرهما بسند صحيح.
و في رواية أخرى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ:
«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِثْلًا بِمِثْلٍ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ نَكَحَ أُمَّهُ عَلَانِيَةً كَانَ فِي أُمَّتِي مِثله؛ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّة، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَة،»
فَقِيلَ لَهُ: مَا الْوَاحِدَةُ؟ قَالَ:
«مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي.»
رواه الإمام الحاكم في المستدرك بسند صحيح على شرط البخاري و مسلم.
و واضح جدا في الروايتين أن جملة "ما أنا عليه اليوم و أصحابي،" أي على سنة النبي ﷺ و ءاثار أصحابه الذين رضي الله عنهم و رضوا عنه، و هي الملة النقية التي كانوا عليها قبل ظهور الفتن و البدع و المحدثات و الفرق الضالة و الجماعات المنحرفة.
فوجب على كل عاقل يريد أن ينجو من فتن الشبهات و الشهوات أن يتمسك بالسنة و الأثر لقوله ﷺ أيضا:
"إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ عضوا عليها بالنواجذ، و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار."
رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة و الدارمي و أحمد و غيرهم بسند صحيح.
جعلنا الله و إياكم من الناجين في الدنيا و الآخرة، و بارك لنا جميعا في الإسلام و القرءان و السنة و الأثر، و وقانا شر الضلال و البهتان و البدعة و الأشر.
و صلى الله على النبي محمد و على ءاله و صحبه و التابعين، و الحمد لله رب العالمين.
كتبه أبو سلامة محمد بن سلامة الأثري المصري.
الأزهر يتبرئ منه😂
ستشاهدون عندنا في قناة محمد بن سلامة الأثري مفاطع أخرى تثلج صدوركم وتسعد قلوبكم بفضل الله.