Це відео не доступне.
Перепрошуємо.

اياك وتصديق مثاليتهم للكاتب محمود احمد وبصوت سامر الخزاعلة

Поділитися
Вставка
  • Опубліковано 15 лис 2022
  • إياك وتصديق مثاليتهم!
    فقط بالمال والجمال يذوب كل محال، وبالفقر تتحطم الآمال!
    .
    ما أكثر المرات التي ترددت على أسماعنا عبارات من نوعية "الجمال جمال الروح"، وعبارات من نوعية "الفقر ليس عيبا". ولكن ما مدى صلاحية هذه العبارات في مجتمعنا "المثالي" في أقواله؟
    لنبحر قليلا برفقة من افقتد المال والجمال الشكلي ولنسمع ما يقولانه لنا:
    يعلن لنا دوستويفسكي عن حقيقة ملموسة لا غبار عليها مفادها الآتي:
    "إن المال وحده يستطيع أن يقود أمرئ إلى المنزلة الأولى، ولو كان تافهاً لا قيمة له."
    وهذه الحقيقة أصبحت من البديهيات التي لا حاجة لأحد في مناقشتها.
    ويكمل بتوضيح نقطة آخرى للقضية فيقول:
    "المال في بعض الأحوال يتيح للإنسان أن ينعم باستقلال شخصيته، وحرية رأيه."
    وهذه ليست اجتهادات فيلسوف مترف، وإنما خلاصة تجارب أليمة للفقر عانى منه دوستويفسكي. ووصف لنا حال الفقراء في بعض آدابه، فقال مبيناً حال الفقير:
    ‏"أنا في نظرِهم أهون شأناً من حصيرة! ذلك ما يُرهقني ويُضنيني. ليست مصاعب المال هي التي تَقتُلني، وإنّما تقتُلني هذه الإذلالات، وهذه الهمسات، وهذه الابتسامات السّاخرة؛ لقد أصبحتُ أستحي أن أحيا. هويتُ إلى أدنى ما يهوِي إليه مُتشرّد بغير جواز سفر!"
    هكذا كانت - ولا زالت- النظرة للفقير، ينظر إليه الناس نظرتهم لحشرة!
    وأين تركيزهم؟ يجيب فيقول:
    "لكأن عقول الناس قد غزتها فكرة تقول لها إن المال الآن هو كل شيء، وفيه تكمن القوة كلها، وإن كل ما كان الآباء قد قالوه لهم وعلموهم إياه هو هراء.
    ويا للمصيبة إذ ترسخت أمثال هذه الأفكار في أذهان الشعب!"
    وربما لم يبالغ دوستويفسكي كثيراً إذ قال:
    "إذا لم يكن المال إلهاً فهو نصف إله."
    فجميعنا يعرف ذلك الشخص الذي يعبد المال عبادة مطلقة، وبعضهم ينُصه إلهاً آخر!
    وهكذا، يجد الفقير نفسه وقد أُغلقت كل الأبواب في وجهه، لا لشيء سوى أنه فقير وسط هؤلاء جميعا!
    رجاء عليش، الكاتب المصري الذي انتحر ولم يبق من ذكراه سوى ما كتبه: رواية لا تولد قبيحا، ورواية كلهم أعدائي، عانى الأمَرَّين من قسوة المجتمع عليه نتيجة مرضه الذي غير شكله، فصار قبيحاً في نظرهم!
    يقول متحدثاً عن ثمار الوسامة التي حُرم منها، وعن فاجعة أن تكون بنظرهم قبيحاً:
    "‏إحدى مميزات الوسامة الشديدة، أن يصدقك كل الناس، بينما أنت تكذب عليهم، أما الإنسان القبيح المكروه من كل الناس، فإن أحداً لن يصدقه حتى لو قال الصدق، إنه متهم من كل الناس بالكذب، مشكوك فيه دائماً لأنه غريب قبيح!"
    ويحدثنا عن "العزلة" التي يسببها عدم رغبه أحد في الاقتراب من هذا الإنسان القبيح:
    "أنا القمر الذيّ يطلّ على لا حقل، النجمة الوحيّدة التي ترسل بريقهَا إلى لا عين، أنا الإِنسان الموُضوع في برودةِ ما تحت الصفر، لكن قلبي ما يزال ينبضُ بالحياة، وعقليّ ما يزال يتوهج بالإشعاعات."
    ما أصعب أن ترى غيرك يتقدم ويخترق الصفوف لا لشي سوى لشكله، في حين أن أحد لا يعطيك فرصة حتى لتنطق بحرف! ولن تسلم من نظراتهم، نظراتهم وحدها قاتلة، وسيتسرب سموم حقدهم لنفسك. يقول:
    "أنا المكروه حتى نخاع العظم، المطارد حتى آخر حافة في العالم، أنا الضحكة التي لا تموت على شفاه الآخرين، أنا الذي تمضغه وتبصقه العيون بسرعة المدفع الرشاش، أنا الذي يضطر للاعتذار عن شكله في كل مرة يرى فيها عين آدمية!"
    ولكن أليس فيهم من يسعى لمعرفة جوهر الإنسان و"جماله الداخلي"؟
    يبدو أن رجاء عليش يئس من ذلك فكتب هذه الكلمات التي تدمي القلب:
    "فالناس دائما سطحيون يحبون رؤية الأشياء كما تبدو لهم من الظاهر. ولا يتعبون عقولهم كثيراً في البحث عن حقيقتها الداخلية. ثم إن الناس ينظرون دائماً من بعيد ولا يتاح لإنسان أن يعرفك على حقيقتك إلا إذا اقترب منك!"
    يا لجماليات بعض الناس المهدورة في دواخلهم والتي لن يعرفها أحد! ما أكثر أصحاب القلوب الجميلة والعقول الفذة التي حكم عليها القدر أن تبقى للأبد مجهولة!
    كتب معترفاً بعبقريته ولكن بمأساة شكله فقال:
    "مأساتي الحقيقية تكمن في التناقض الصارخ بين شكلي وحقيقتي، ولو أنهم وزعوا الجمال ليتلائم مع إحساس الإنسان الداخلي، لكنت أستحق شكلاً أفضل بالتأكيد. لكن المأساة حدثت إلى درجة أنني أتمنى أحيانًا لو لم يكن هذا التناقض موجودًا، حتى لو كان على حساب إحساسي الداخلي."
    وما أكثر المرات التي تمنى الأذكياء مقايضة عبقرية عقولهم بجمال شكلي لعلهم يلاقوا القبول حينها!
    ويتدرج عليش في حديثه القاسي عن معاناته، ليصل في آخر الطاف لليأس التام من كل المجتمع والحقد عليه:
    "كيف أدافع عن مدينة تكرهني، تريد لي العار الدائم. مدينة لا أملك دائرة حنان واحدة فيها، مدينة ليس لي فيها امرأة واحدة تحبني، أو طفل واحد يحمل اسمي من بعدي، كيف أدافع عن مدينة أخاف إلى درجة تجمد الدم في عروقي وأنا أمارس أشيائي البسيطة في شوراعها."
    وعليه يا صديقي العزيز، فلا بد لك من امتلاك المال ما استطعت، ولا بد لك من أصدقاء يؤمنون بك ولو في آخر الدنيا!
    وتذكر:
    أن يتقبلك أحدهم كما أنت هي فكرة منقذة جداً ولأبعد حد.
    محمود أحمد

КОМЕНТАРІ •